

إن اكبر جسم فساد بارز لا لبس فيه ولاغموض هو حزب الدولة الذي يتشكل من مجاميع لارابط بينها سوى التملق الصريح والنفاق غير المموه، فمبادىء حزب الدولة وأهدافه وبرامجه دعم الحاكم وتمجيده والتغنى بمنجزاته ومآثره وحكمته وبعد نظره ،وكل مايمكن تصوره عن الكمال والتميز ،لقد كان مناضلوا حزب الشعب ينعتون المختار واد داداه بأب الامة ،ويتعلقون به بشكل يفوق التصور ولقد تظاهروا دعما للانقلابين الذين أطاحوا به في ١٠ يوليو وتحولوا إلى ولد هيدالة الذي اعتبروه بطلا واشادوا بمراقبته للاسعار و حياته البسيطة وميوله الأسلامية ، وتحولوا عند سقوط ولد هيدالة إلى معاوية الذي خلدوه بالاغانى والاناشيد بمحوه للامية وببنائه دور الكتب وجمع المكتبات ، وعند الإطاحة بمعاوية ، أحاطوا الانقلابيين الذين أسقطوه بدعم لاسابق له وكادوا يؤلهون محمد بن عبد العزيز وطالب بعصهم بمبايعته ملكا او رئيسا مدى الحياة وعند غياب محمد لم ينتظروا اختفائه قبل ان يتحولوا إلى غزوانى فكان نفس القيادات ونفس الاشخاص الذين كانوا أهم من اعتمد عليهم محمد بن عبد العزيز ، يقدمون ولاء أقوى من ولائهم للذي سبق ومجدوه واحاطوه يوم إصابته برصاصة الطويلة ،وأحاطوه يوم قدومه من العلاج في فرنسا ويوم انتخبوه مرتين للرئاسة و يوم دعموه في استفتاء تغيير الدستور ،لقد كان الحزب الذي أنشأ محمد على انقاض عادل والجمهورى والهياكل ،وكل ماسبق وجعله من صنعه وبنائه تحول كلما كان لمحمد بن عبد العزبز إلى خلفه محمد بن الغزوانى،إن ما جرى لحزب الدولة المتحول في ولائه من مسؤول لمسؤل ،خصوصا في عهد غزوانى يوضح لامبدئيته ولا صدقه ،وانه كيان يتبع رأس الدولة و مهمته التطبيل لمن في السلطة بغض النظر عن سياساته وميوله واسلوبه، يبدأ مع المختار عندما اندمجت أحزاب في حزب إسمه حزب الشعب،ومع ولد هيدالة من فكرة للحركات السياسية البعثيين والناصريين والكادخين وحركة الحر، كانوا يهدفون بها في عهد ولد هيدالة لتاسيس العمل الشعبي التطوعى للمشاركة في البناء ،فحول ولد هيدالة الفكرة إلى تنظيم سماه هياكل تهذيب الجماهير ، وبدا سجن الحركات التى جاءت بالفكرة، الواحدة بعد الاخرى، و في عهد نظام ١٢-١٢ أنشأ معاوية الحزب الجمهوري من جمهور الهياكل وحزب الشعب، وفي عهد سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله تحول الحزب الجمهوري إلى حزب عادل،ومع محمد بن عبد العزيز أصبح الاتحاد من احل الجمهورية، الذي تحول بجميع جسمه وشخوصه في عهد غزوانى إلى حزب الإنصاف ،!!!
هذ المخلوق المتحول مع الانظمة من نظام لنظام بنفس الجسم وباسماء مختلفة ،من حزب الشعب للهياكل والجمهورى حتى اصبح اليوم حزب الإنصاف ليس أكثر من مستنقع للفساد وتشويه الوعي وتضليل الجماهير، فماهو برنامج هذ الحزب المتحول من نظام لنظام ؟! ماهي مبادئه ومثله إن لم تكن الالتصاق بالنظام والبحث عن المكاسب المادية بواسطة التصفيق والتملق؟! إن مشكلة هذه الكيانات المتحولة ليس برنامجها المقتصر على دعم النظام والتطبيل لكل رئيس مدة رئاسته والتخلى عنه ونسيانه ودعم من ياتى مكانه وتحويل كل الولاء له والدعم،
إن حزب الدولة الذي اوضحنا رحلة تحوله من زعيم لزعيم لزعيم ليس ذلك أخطر جوانب مايمثله ، إنه يمثل أكبر ماكنة فساد تجسد بنفقاتها وهيئاتها ومكاتبها وتجهيزاتها و نشاطاتها المختلفة وبذخها وفخفختها ثقبا أسودا لنفقات لا حدود لها تبدد وتبذر من الاموال التى يحتاجها الوطن في كل مناحي حياته الممتلئة نواقصا وحاجيات،..
لكن الجانب الاخطر من وجود هذا الثقب الاسود الذي يبلع ويذيب الاموال الطائلة دون طائل هو أنه يشارك في زرع الفساد وتوطينه وترسيخه ،أولا : بتجميعه ناسا لايجمعهم إلا التملق والنفاق والتصفيق وقيام حياتهم واسلوب معاشهم على مالا فائدة فيه من النشاطات والسلوكيات،ثانيا : الاعتماد على التجار ورجال الاعمال لتمويل نشاطات الحزب وتجهيزاته ،وجعلهم ذلك فرصة للتجار ورجال الاعمال للتهرب من الضرائب والضرائب غير المباشرة مقابل تمويلهم لهذ الكيان المتحول،واستغلال هذ التمويل للحصول على بعض صفقات التراضى ، إنهم مقابل تمويل هذا الكيان يعرضون مصالح البلاد للخطر بتحويل الضرائب عمن عليهم أداؤها إلى مستويات دنيا لاطاقة لها باعباء ضرائب تفرض علبها ..ثالثا: في مسنقع تجمع مايسمى الحزب الحاكم يصبح إظهار الولاء بديلا عن الفعالية وجودة الأداء و الإنتاحية..
— باختصار
إن الحديث عن محاربة الفساد وحزب الدولة بالوضع الذي نرى ليس سوى كذب وادعاء مالا وجود له ،فما دام هذا التجمع الهائل الذي لا عمل له إلا العبث وتضييع المال العام وتشويه الوعي وخديعة المسؤولين بإظهار ولاء لااساس له وتوربط رجال الأعمال الوطنيين بتمويل امور وتجهيزات لاقيمة لها وتوريطهم في الإخلال بالواجبات الوطية بدفع الضرائب واتباع مسطر ة العطاءات والمناقصات طبقا للنظم المقررة التى تخدمهم لانها تخدم الاقتصاد ونظام التحصيل للميزانية،العامة إن من المصلحة الملحة تخلى الدولة عن حزب ولاؤه لايقدم ولايؤخر واعتماد أساليب واضحة نزيهة ،قبل ذلك لا أمل في وقف الفساد !!!
..التراد بن سيدى